ثورة الدراجات تجتاح لندن قبل الأولمبياد .. والضحية .. القطار

وسط الشوارع المكتظة والحارات المحدودة المخصصة للدراجات وسير الحافلات ذات الطابقين ، الواحدة تلو الأخرى ، يتولد الشعور بأن هناك أماكن أفضل بكثير لقيادة الدراجات .. ومع ذلك يقبل المزيد من الناس في العاصمة البريطانية يوما بعد يوم على التنقل بالدراجات.

فوق الأسفلت الخشن ووسط البرك الصغيرة والحفر، هناك متنفس ضيق بعيدا عن الحافلات السريعة وسيارات الأجرة .. هكذا يبدو الطريق إلى العمل بالنسبة للكثيرين ممن يقيمون في المدينة.

إنهم يتقبلون ركوب الدراجة والتنقل بها لأنها تسمح لهم بالوصول إلى أعمالهم في الوقت المناسب خلال ساعة الذروة بالعاصمة المزدحمة، حتى ولو فلوا ذلك وهم في ستراتهم الواقية صفراء اللون، وبشعر أشعث وأرجل سراويل مبللة، إلى جانب مخاطرة تعرض الدراج للتصادم مع سيارة أو حتى أي حافلة أكبر في الشوارع متعددة الحارات.

ويعتبر الحب المكتشف حديثا من أهالي لندن تجاه الدراجات هو أفضل وسيلة لتحويل عام "أولمبياد 2012" إلى عام الدراجة بالنسبة لبريطانيا كلها. فقد بدأ العد التنازلي لانطلاق الأولمبياد ، وكذلك بدأ الإقبال يزيد على محال بيع الدراجات.

ويقول جون ليليس-طومسون مدير محل "أكشن بايكس" في ويستمينستر: "يزداد انشغالنا يوما بعد يوم .. فخلال الشهرين الماضيين استقبلنا زبائن أكثر من المعتاد. كما أننا نستقبل المزيد من السائحين الذين يستأجرون الدراجات منا".

و يقول ألكسندر جروس من مدرسة الاقتصاد في لندن: "تشهد قيادة الدراجات نهضة حقيقة في لندن".

كما أن هذا الاتجاه الجديد يساعد في إنعاش الاقتصاد البريطاني. فقد بلغت قيمة مبيعات هذا القطاع 7ر4 مليار دولار في عام 2010 وفقا لتقديرات جروس نفسه، في رقم غير مسبوق ل "إجمالي ناتج الدراجات". و بحسب البحث الذي أجراه جروس ، يستخدم حوالي 13 مليون مواطن بريطاني الدراجة بشكل منتظم، وقد تم بيع 3.7 مليون دراجة في عام 2010 .

وقال ليليس-طومسون: "منذ الإعلان عن قتلى حوادث الطرق قبل خمسة أعوام ، أصبح لدينا إقبالا هائلا على الدراجات .. لم يعد لدى الناس القدرة على تحمل تكاليف السيارات، وبالتالي صاروا يستخدمون الدراجات".

وفي أحد أهم المحاور المرورية في لندن، عند محطة جسر "لندن بريدج" العملاقة ، تبحث آنا أسلانيان عن مكان لصف دراجتها بالمجان حتى تتمكن من الاطمئنان على وسيلة مواصلاتها عندما تتركها وتذهب إلى عملها.

تذهب الصحفية أسلانيان /41 عاما/ عملها يوميا بالدراجة.

وتقول أسلانيان: "إنه (ركوب الدراجة) ليس أصعب من ركوب الحافلة .. لا أقود الدراجة بسرعة حتى لا أعرق ولدي كل ما احتاجه في حقيبة الظهر الخاصة بي".

وعادة ما تمتليء مواقف الدراجات فضية اللون والتي تتواجد على مسافة كل مترين بطول الرصيف حول المحطة، عن آخرها بحلول الساعة العاشرة صباحا.

ويحدث نشاط ملموس أيضا في أحد أفرع أقدم وأكبر متاجر الدراجات في بريطانيا ، "إيفانز للدراجات". فهذا المكان يبيع الدراجات للبريطانيين منذ عام 1921 . ومنذ بداية هذا العام ، أصبح إيفانز للدراجات أحد أهم داعمي مبادرة "رايد تو ورك" أو "اذهب إلى العمل بالدراجة" التي قدمتها الحكومة البريطانية في محاولة لتخفيف العبء عن الشوارع والمواصلات العامة على حد سواء ، فأصحاب الوظائف بوسعهم توفير نحو 42% من وقتهم عندما يشترون دراجة.

وتقول داشا بولاكوفا نائب مدير إيفانز للدراجات: "يشتري بعض العملاء دراجتهم الأولى خلال 20 عاما".

وتضيف: "منذ أن بدأت الحكومة منح دعم مالي لمبادرة الذهاب إلى العمل بالدراجة ، صار الأمر مثيرا للاهتمام بالنسبة لعديد من الموظفين".

وأشارت ريانون هانتر المتحدثة الرسمية باسم إيفانز للدراجات إلى أن نسبة مبيعات الشركة زادت بقيمة 57% عن العام الماضي، وأوضحت أنه بخلاف الموظفين، تعتبر الأسر والطلاب وأرباب المعاشات أهم الزبائن أيضا.

وقالت هانتر: "يقبل المراهقون عادة على شراء دراجات /بي إم إكس/ بينما يقبل آخرون على الدراجات الهجين ( التي تتمتع بمواصفات دراجات الشوارع والدراجات الجبلية ) أو القابلة للطي.. الألعاب الأولمبية مع ارتفاع أسعار البنزين وزيادة المخاوف البيئية تمثل أهم عوامل زيادة الطلب المستمر على الدراجات".

ويقوم يوناس فولفنسبيرجر /23 عاما/ بتزويد إطار دراجته الخلفي بالهواء أمام المتجر ، ويفضل طالب العلوم السياسية دراجته على المواصلات العامة.

ويقول: "إن لهذا الامر مميزات عدة. فأنا لست بحاجة الآن إلى الاعتصار داخل مترو الأنفاق. إنني الآن في الهواء الطلق وأصل إلى وجهتي أسرع بكثير".

وقام فولفنسبيرجر بشراء دراجته من متجر للدراجات المستعملة مقابل 80 جنيه إسترليني (126 دولارا) ، فيما تصل تكلفة استخدام مترو الأنفاق أو الحافلة إلى 60 جنيه إسترليني (95 دولارا) شهريا.

ويقول فولفنسبيرجر : "إنها عملية حسابية سهلة".

وإذا لم يكن لدى المرء دراجة في لندن، فبإمكانه استخدام الدراجات الزرقاء التي يتم استئجارها من 400 مكان مختلف بالعاصمة الإنجليزية والتي يطلق عليها سكان المدينة اسم "دراجات بوريس" حيث قام عمدة لندن بوريس جونسون بتقديم هذه الدراجات للمرة الأولى عام 2010 لتحقق شعبية كبيرة على الفور.

وفي ويستمينستر ، يعيد سائحان دنماركيان دراجتيهما المستأجرتين إلى إحدى المحطات.

ويقول أحدهما، وهو يدعى مارتن أندرسون: "دائما ما نستخدم دراجاتنا في كوبنهاجن .. ورغم عدم وجود حارات مناسبة للدراجات هنا ، لا أرى الأمر خطيرا".

واكتشف ثنائي آخر من برلين محطات تأجير الدراجات الزرقاء.

ويقول كلاوس فيلكه: "إنه أمررائع أن يوجد شئ كهذا هنا .. إنه عملي أكثر من استئجار دراجة من أحد المتاجر ، كما أنه يتيح لك فرصة لاستكشاف المدينة بشكل أكبر بكثير".

ولا يشهد سوق الدراجات ازدهارا في كبرى المدن البريطانية فحسب ، فالأنشطة الترفيهية المتعلقة بالدراجات بشكل ما صارت أكثر شعبية بين البريطانيين.

ويوجد أكثر من 1500 ناد للدراجات في أنحاء البلاد تقوم عادة بتقديم ورش العمل والأحداث ، وأصبح هذا الاهتمام واضحا أيضا من خلال تزايد عدد الأعضاء بالاتحاد البريطاني للدراجات الذي ارتفع بنسبة 23% عن العام الماضي ليصل إلى 40 ألف عضو، بينهم سبعة آلاف عضو شاب جديد.

ولكن في ظل تزايد شعبية الدراجات في بريطانيا، تبقى مشكلة السلامة قائمة خاصة في لندن ، فالحارات المخصصة للدراجات والتي يطلقون عليها "الطرق السريعة" في المدينة لا تغطي سوى منطقة صغيرة من العاصمة. أما في بقية الأماكن الأخرى ، يواجه الدراجون الطرق المربكة متعددة الحارات التي تعج بسائقين يتسمون بعدم المبالاة.

وفي العام الماضي ، تعرض 16 دراجا لحوادث أودت بحياتهم ، فيما وقعت اصابات خطيرة لمئات آخرين. وانطلقت حملات عديدة مثل "الحق في ركوب الدراجة" تطالب بظروف أفضل لمستخدمي الدراجات وأهمها المزيد من الحارات المخصصة للدراجات على الطرق.

ولكن لا يبدو أن هذه المخاطر تؤثر بأي شكل على حماس البريطانيين للدراجات. ويسعى الاتحاد البريطاني للدراجات لاستغلال الألعاب الأولمبية لجذب مليون بريطاني جدد إلى ركوب الدراجات بشكل منتظم بحلول عام 2013 حيث يقولون إن اولمبياد 2012 ستكون فرصة مثالية للوصول إلى جمهور أكبر.

ومن المعروف أن الدراجات هي أكثر الرياضات البريطانية نجاحا على مستوى الألعاب الأولمبية والبارالمبية (الأولمبياد الخاص). ففي دورة الألعاب الأولمبية السابقة "بكين 2008" أحرز الفريق البريطاني للدراجات 34 ميدالية وهو النجاح الذي يأمل في تكراره الشهر المقبل في "أولمبياد لندن 2012"

» برادلي ...الى لندن لمتابعه مصر في اولمبياد لندن
» هاني رمزي: استبعاد زكي من قائمة الفراعنة لخوض الأولمبياد بسبب نقص اللياقة البدنية
» مدرب مصر يحلم ببلوغ الدور قبل النهائي في اولمبياد لندن
» منتخب اسبانيا الاولمبي يتطلع لتكرار انتصارات الكبار في لندن
» استبعاد شاكري وشاكا من تشكيلة سويسرا لدورة لندن الاولمبية